kasmi المدير
عدد الرسائل : 148 العمر : 37 الموقع : https://kasmi.mam9.com تاريخ التسجيل : 16/04/2008
| موضوع: توديع الحجاج ! السبت أكتوبر 13, 2012 11:10 am | |
| توديع الحجاج !
الحمد لله الذي جعل لكل أمة منسكاً، وهيأ لأهل الخير إلى الخير طريقاً ومسلكاً ، والذي فرض على عباده حج بيته الحرام، فجعله مكفراً للذنوب والآثام، ورتب عليه جزيل الأجر والإنعام، أحمده تعالى وأشكره على نعمه العظام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله خير البرية وسيد الأنام، وأفضل من صلى وصام وحج وطاف بالبيت الحرام ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد: فاتقوا الله عباد الله ، واحرصوا على ما فيه عفوه ورضاه ، واعلموا أن مما شرع لكم الله حج بيته الحرام فقال الله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (البقرة 169) ، وقال سبحانه وتعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران 97). وقال عز وجل: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29)) (الحج ). وقال صلى الله عليه وسلم: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) الشيخان. وقال صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُلَبِّي إِلَّا لَبَّى مَنْ عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ: مِنْ حَجَرٍ أَوْ شَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ حَتَّى تنقطِعَ الأرضُ منْ ههُنا وههُنا ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه. وقال صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَإِنَّ عَبْدًا أَصْحَحْتُ لَهُ جِسْمَهُ، وَأَوْسَعْتُ عَلَيْهِ فِي الْمَعِيشَةِ تَمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَعْوَامٍ لَا يَفِدُ إِلَيَّ إِلَّا مَحْرُومٌ "مسند أبي يعلى (1 / 289 - 290). اللهم لا تجعلنا من المحرومين ... إنه موسم الحج العظيم الذي نعيش أيامه وشهوره المباركة. فهنيئا لمن الله بالحج كرمه وفي القرعة شرفه ، وهو يستعد لشد الرحال ، ويودع أهله قبل الانتقال . هنيئا لك يا أخي ويا أختي ختم أركان الإسلام الخمسة ... ولا نملك لكم إلا الدعاء بالسلامة والأمان والسداد والتوفيق والغنيمة من كل بر والسلامة من كل اثم وتحصيل الحج المبرور. فيا أيها الحجاج: إنكم على أهبة السفر إلى بيت الله الحرام ، راجين من الله تكفير الذنوب والآثام والفوز بدار السلام والخلف العاجل عما أنفقتموه في هذا السبيل من الأموال ... فاتقوا الله يا حجاج بيت الله! وتذكروا أنكم تؤدون عبادةً من أجل العبادات، وشعيرةً من أعظم الشعائر ، وأنكم تفون في مواقف الأنبياء وتطؤون حيث وطأ الصالحون والراشدون ، فأدوا هذه الفريضة على وجهها الشرعي، وتخلقوا بأخلاق الإسلام، وكونوا خير السفراء لبلادكم وأوطانكم تمثلونها أحسن تمثيل وتتركون أثرا طيبا في أحسن صورة للتصرفات والأخلاق والمعاملة الحسنة . فعاملوا إخوانكم الحجاج معاملة الرفق والسماحة والإيثار، وإياكم واللغو والرفث والفسوق والجدال والإيذاء قولاً وفعلاً، وتجردوا من هوى نفوسكم، وحطموا قيود شياطينكم، واستعينوا بالله على إتمام مناسككم فإنه نعم المعين... واعلموا انكم حصلتم على فرصة عظيمة يبكي عليها الكثير من المسلمين ممن لم يحجوا ، قد صرفتم لأجلها الأموال وفارقتم فيها الأهل والأولاد والأحباب والبلاد، فاغتنموها أحسن اغتنام ... فإذا وصلتم إلى رحبةٍ أجر الصلاة الواحدة فيها بأجر ألف أو مائة ألف صلاة فلا تفوتكم جماعة ، واعلموا أن صلاتكم في رحالكم أو غرف فنادقكم كصلاتكم في أوطانكم فلا تحرموا أنفسكم بركة المكان وبركة الزمان ... عندما يقول الحاج (لبيك اللهم لبيك وحدك لا شريك لك لبيك) لم يبق له مجال لغيبة أو نميمة او جدال أو دعوى وكلام جاهلية ، فلا يشغله شيء سوى واجبات الحج وأركانه ، بقلب مخلص قد أفرغ من الهوى ومن الدنيا وشغل بالعبادة، فإنما هي أيام معدودات، تجدون للصبر بعدها عاقبة محمودة وحلاوة لذيذة ... وإنكم تتوجهون إلى بيت ربكم وحرماته، إلى أمكنة فاضلة، تؤدون فيها عبادة فاضلة ، تخضعون فيها لعظمة ربكم، فاحرصوا يا عباد الله على تعظيم المشاعر والشَّعائر، فإن الله جل شأنه يقول: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} (الحج: 32)، وقد كان السلف يخافون زَلاَّت أيديهم وألسنتهم وأرجلهم، فيعجِّلُون العود إلى مساكنهم . وكان ابن عباس يخرج من مكة ويسكن الطائف، ويقول: "لي بقايا حسنات، أخشى أن تذهبها حُرمة هذه البنية"، فينبغي لمن شرَّفه الله بجوار بيت الله الحرام أنْ يُحسن جوار هذه الدَّار.
إن الحج أصبح اليوم امرا عسيرا وغير متيسر للكثير من الناس ، مما جعل الكثير يغفل عن هذا الركن الخامس من أركان الإسلام ، وكان الواجب على المسلم إذا وجد استطاعة أن يسجل نفسه للحج ويسعى جهده ما استطاع ولا تلهيه تجارة ولا أولاد، بل يحسن نيته ويسأل الله التوفيق ، فإن لم يوفقه الله لذلك سقط عنه كل حرج ... وللأسف فإنك تجد من لا يفكر في هذا الحج وكأنه ليس ركنا من أركان الإسلام مع قدرته عليه واستطاعته وهذا تفريط كبير وغفلة وإن حجة الله على مثل هؤلاء قائمة... نسأل الله العافية في الدين ...
نسألك يا وهاب حج بيتك الحرام ، وأن تكرمنا جميعا بحجة الإسلام ، ونسأل السلامة لحجاجنا الميامين والتوفيق والأمن والسداد ، وأن تحفظهم وتردهم إلينا سالمين غانمين بالأجر موفورين ، وأن تجعل حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا وكل ذنب لنا ولهم مغفورا يا أرحم الراحمين ... | |
|