بحث حول الإمام أبي جعفر الطبري ومنهجيته في كتابة التاريخ

الفصل الأول: نبذة عن حياة الطبري


1- مولده ونسبه
2- نشأته ورحلاته
3- مؤلفاته
4- وفاته
-----------------------------------------------------------------------------------
1- مولده ونسبه:

هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري ٬ وقيل:يزيد بن كثير بن غالب:مؤرخ٬مفسر٬محدث٬مقرئ٬فقيه٬أصولي٬ من أكابر الأئمة المجتهدين.ولد في آمل عاصمة إقليم طبرستان فنسب إليها ٬ وطبرستان تقع جنوبي بحر قزوين في أواخر سنة 224 أو أول سنة 225هـ. ذكر أحمد بن كامل الشجري ¹ أنه سأل الطبري :كيف وقع الشك في ذلك ؟ فقال:لأن أهل بلدنا يؤرخون بالأحداث دون السنين ٬ فأرخ مولدي بحدث كان في البلد ٬ فلما نشأت سألت عن ذلك الحادث ٬فاختلف المخبرون لي فقال بعضهم : كان ذلك في آخر سنة أربع ٬ وقال آخرون : بل كان في أول سنة خمس وعشرين ومائتين ومن علمه وفضله أنه حفظ القرآن وكتب الحديث وهو صغير.²






1: قاض ٬ كان عالما بالأحكام والقرآن والأدب والتاريخ٬ ولي قضاء الكوفة ٬ توفي سنة 350هـ.
2: الطبري ٬"تاريخ الأمم والملوك"٬ ج 1 ٬ ص 15
--------------------------------------------------------------------------------------
2- نشأته ورحلاته:

روى الشجري عنه أنه قال حفضت القرآن ولي سبع سنين ٬ وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين ٬ وكتبت الحديث وأنا ابن تسع سنين. وقال : رأى لي أبي في النوم أني بين يدي رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ٬وكان معي مخلاة مملوءة حجارة ٬ وأنا أرمي بين يديه فقال المعبر: إنه إن كبر نصح في دينه وذب عن شريعته ٬ فحرص أبي على معونتي في طلب العلم٬ وأنا حينئذ صبي صغير٬أول ما كتب ابن جرير الحديث كان بآمل٬ ثم رحل إلى "الري"¹ وما جاورها ٬فأخذ عن محمد بن حميد الرازي واختص به وأخذ عن مغازي ابن إسحاق عن سلمة بن المفضل ٬ وكتب عن أحمد بن حماد الدولابي كتاب "المبتدأ". ثم رحل إلى بغداد٬ وكان في نفسه أن يسمع من الإمام أحمد بن حنبل ٬ ولكنه لم يكد يصل إليها ٬ حتى علم بوفاته سنة 241هـ قبل دخوله بقليل ٬ فأقام بها مدة ٬ وكتب عن شيوخها ٬ ثم انتقل إلى البصرة ٬ فسمع عن من كان بقي من شيوخها في وقته ٬كأبي بكر محمد بن بشار المعروف ببندار ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني وبشر بن معاذ وغيرهم. ثم رحل إلى الكوفة فكتب فيها عن إسماعيل بن موسى الفرازي وهناد بن السري الدارمي الكوفي ٬ وأبي كريب محمد بن العلاء الهمذاني وأخذ عن سليمان بن خلاد السامري القراءات .
ثم عاد الطبري إلى بغداد ودرس بها فقه الشافعي وعلوم القرآن. ومنها رحل إلى مصر سنة 253هـ٬ فلم تطل إقامته فيها٬ وعاد إلى الشام ٬ ثم دخل مصر سنة 256هـ٬ وأخذ في الرحلتين عن جماعة من شيوخها منهم٬ يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان وإسماعيل بن يحيى المزني وغيرهم. وعاد أبو جعفر إلى بغداد بعد رحلة طويلة ومنها توجها إلى طبرستان ٬ ثم رجع إلى بغداد وانقطع للدرس والتأليف وعزف عن الحياة العامة ورفض أن يتولى أية مناصب حكومية أمعانا في الانقطاع للعلم والكتابة وزهدا في حياة الحكم والسياسة٬ فقد عرضوا عليه في القضاء فرفض وعرضوا عليه المظالم فرفض أيضا حتى عاتبه أصحابه في ذلك.




------------------------------------------
1: مدينة قديمة في شمال إيران ٬ فيها ولد هارون الرشيد.
-----------------------------------------
وفي بغداد سكن الطبري برحبة يعقوب٬ وعكف على العبادة والقراءة الإملاء والتصنيف. حتى قيل فيه: كان كالقارئ لا يعرف إلا القرآن٬ وكالمحدث لا يعرف إلا الحديث٬ وكالنحوي لا يعرف إلا النحو٬ وكالحاسب لا يعرف إلا الحساب٬ فلقد كان عالما بالعبادات عالما جامعا للعلوم٬ وإذا جمعت كتبه وكتب غيره وجدت لكتبه فضلا على غيرها.²






2: 2: الطبري ٬"تاريخ الأمم والملوك"٬ ج 1 ٬ ص 16.15
---------------------------------------------------------------------------------------
3- مؤلفاته:

ليس غريبا على إمام جليل٬ مثل الإمام الطبري أن يغرز إنتاجه٬ وأن تكون وفرة هذا الإنتاج ٬ على الأخص٬ في العلوم الإسلامية٬ ولقد ساعده في ذلك سعة علمه وتمكنه من اللغة " ولقد مكنته فارسيته الأصيلة من أن يطلع إطلاعا واسعا على أخبار الأمم "¹
وفيما يلي أسماء بعض مصنفاته ومؤلفاته كما وردت في مصادر ترجمته :
1- آداب المناسك / 2- آداب النفوس / 3- اختلاف علماء الأمصار
4- البصير ( أو التبصير ) في علوم الدين / 5- تهذيب الآثار وتفصيل الثابت من الأخبار / 6- تاريخ الأمم والملوك / 7- الجامع في القراءات
8- كتاب العدد والتنزيل / 9- لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام
10- جامع البيان عن تأويل آي القرآن وغيرها كثير.
غير أن أهم كتبه في مجال التأريخ كان كتابه الشهير تاريخ الأمم والملوك ( وهو المعروف بتاريخ الطبري ) الذي جاء تاريخا جامعا لأخبار ملوك وأمم الشرق والغرب وذاكرا للحوادث والوقائع متتابعة من أول الزمان إلى أيام معاش الإمام أبو جعفر" ذاكر في كتابي هذا من ملوك كل زمان من لدن ابتدأ ربنا جل جلاله خلق خلقه إلى حال فنائهم من انتهى إلينا خبره ... "² ٬ ولقد سرد الطبري حوادث وأخبار زمان كل الملوك الذين ذكرهم بشيء من التفصيل الدّال الغير ممل " بوجيز من الدلالة غير طويل إذ لم نقصد بكتابنا هذا قصد الاحتجاج لذلك بل لما ذكرنل من تاريخ الملوك الماضين وجمل من أخبارهم وأزمان الرسل والأنبياء ومقادير أعمارهم وأيام الخلفاء السالفين وبعض سيرهم ..."³ ٬ مستخلصا العبر ومبينا للمواعظ التي قد تخفى عن القارئ بأسلوب مشوق وسلس.
ويعتبر هذا الكتاب النفيس من أوائل المصنفات التاريخية الكاملة٬ بني على ما سبقه من المؤرخين المسلمين الأوائل كالواقدي وابن سعد واليعقوبي والبلاذري ٬وعليه أضاف المسعودي وابن مسكويه وابن الأثير وغيرهم.







1: أحمد أمين٬ ظهور الإسلام .
2:الطبري ٬"تاريخ الأمم والملوك"٬ ج 1 ٬ ص 23.
3: نفس المرجع السابق٬ ص 19.
-------------------------------------------------------------------------------------
4- وفاته:

توفي العلامة الجليل أبو جعفر الطبري يوم السبت بالعشي ٬ ودفن يوم الأحد بالغداة ٬في داره لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة٬وقيل: توفي في المغرب من عشية الأحد ليومين بقيا من شوال٬ودفن وقد أضحى النهار من يوم الاثنين في جوار داره برحبة يعقوب.قال الخطيب : واجتمع عليه من لا يحصيهم عددا إلا الله ٬ وصلى على قبره عدة شهور ليلا ونهارا٬ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب.¹







1: الطبري ٬"تاريخ الأمم والملوك"٬ ج 1 ٬ ص 17.

-----------------------------------------------------------------------------------------

الفصل الثاني:منهجه وطريقته في التأريخ



1- المصادر التي اعتمد عليها
2- الصدق والموضوعية عند الطبري
3- منهجه في كتابة التأريخ
4- خصائص أسلوب الطبري
5- شهادات بعض معاصريه
-----------------------------------------------------------------------------------
1- المصادر التي اعتمد عليها :

لقد اعتمد الطبري على مصادر لاتزال أكثرها إلى حد اليوم في تعداد المفقودات٬ وحسب إشارة الطبري الكثيرة إلى من نقل عنهم عند رواية الأخبار يمكن إيجاز مصادره فيما يلي :
أ)- في تاريخ الفرس : اعتمد على بعض كتبهم التي ترجمت للعربية خاصة ترجمات الأديب الشهير ابن المقفع الفارسي الأصل وكذلك نقل عن ابن هشام الكلبي وبعض المخطوطات الفارسية التي وجدت في عصره .
ب)- في تاريخ بني إسرائيل اعتمد على قصصهم الواردة في التوراة - كتابهم المقدس- وما جاء عنهم في قصص القرآن الكريم .
ج)- في تاريخ العرب قبل الإسلام اعتمد الطبري على ما كتب كل من عبد بن شربه و محمد بن كعب القرطي ووهب بن منبه.
د)- وفي تاريخ الدعوة الإسلامية وسيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم-الزكية استند الطبري على ما رواه عمر بن الزبير وابن هشام الزهري وهؤلاء هم المشخصون في السيرة النبوية في عصره .
هـ)- وفي تاريخ الحلفاء الراشدين يشير الطبري غالبا إلى أبي مخنف والمدائني أما بالنسبة للأمويين فقد اعتمد على رواة أكفاء مثل هشام الكلبي وأبي مخنف وفي التاريخ العباسي استند مؤرخنا على كل من أحمد بن زهير و المدائني والرواية الكبير ابن عدي والواقدي فضلا على مشاهده الشخصية في الأحداث التي عاصرها.¹






1: بشار قويدر ٬ كتاب مناهج التاريخ الإسلامي ومدارسه٬ ص 49.48.
----------------------------------------------------------------------------------------
2- الصدق والموضوعية عند الطبري :

تحرى الطبري الموضوعية والصدق في نقله للأخبار والحوادث بصورة غير مشهودة عند من سبقه إلى كتابة التاريخ٬ والطابع المميز لتاريخ الطبري اعتماده على المأثور عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلى آراء الصحابة والتابعين عند روايته للسيرة النبوية٬ ثم أضافته إلى المأثور ما عرف في عصره من نحو ولغة وشعر عند الاستدلال أو الاستشهاد بواقعة من الوقائع٬ استعانته بكتب الفقه فعرض كثيرا من آراء الفقهاء في مناسبات عديدة٬ واستعانته بكتب التفسير والحديث. وليس أصدق دلالة على موضوعيته وسعيه لنقل التواريخ بصفة خالية من كل خلفية أو حساسية دينية أو سياسية٬ قوله بلسانه في مقدمة عرضه لكتابه: " وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه إنما هو على ما رويت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه دون ما أدرك بحجج العقول وأستنبط بفكر النفوس إلا اليسير القليل منه إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين وما هو كائن من أنباء الحادثين غير واصل إلى من لم يشاهدهم ولم يدرك زمانهم إلا بإخبار المخبرين ونقل الناقلين دون الاستخراج بالعقول والاستنباط بفكر النفوس فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجها للصحة ولا معنى في الحقيقة فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا"¹





1: نفس المرجع السابق ٬ ص 92.
--------------------------------------------------------------------------------------
3- منهجه في كتابة التأريخ:

اعتمد في أول تأريخه على منهج الإسناد تماما كما هو الحال في تدوين الخبر الشرعي ( حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ) والقصد من ذلك جعل خبر التاريخ على مستوى الخبر الشرعي ( المصداقية )
- اعتماده على المشاهدة الخاصة أي إلغاء راوي الحديث .
- الأمانة الشديدة في ذكر خبر حالة الإمام الطبري لمدى تمحيص الأخبار ونقدها وتميز صدقها وكذبها.
- ينقل الحدث التأريخي في تصور الإمام الطبري من الماضي إلى الحاضر عن طريق الرواة بالتواتر من عصر لعصر آخر.
- اعتمد الطبري على منهج الإسناد في تسلسل نقل الخبر التأريخي بالرجوع إلى الشاهد الأول دون تغير أو تعليق أو تزوير فتكون الشاهدة أساس الخبر التأريخي.
- شيد الطبري تأريخه على أساس الخبر والأخبار فرتبها حسب الأحداث وكل حدث يدعم بسند أو عدة أسانيد واتبع منهجا يدعى منهج التأريخ أي مراعاة البعد الزمني في تسجيل الحوادث والوقائع وهذا ما ورد في كتابه المشهور.¹


1: الطبري ٬"تاريخ الأمم والملوك"٬ ج 1 .
----------------------------------------------------------------------------------------
4- خصائص أسلوب الطبري :

ويمكن للدارس لأسلوب الطبري في كتابة التاريخ استخراج الطابع المميز لمنهج الطبري العلمي في كتابة التاريخ والتي نلخصها في مجموعة النقاط التالية:
1)- اتبع طريقة الإسناد في سلاسل الروايات: لذا كان تاريخه سجلا لما اثر من آثار وآراء٬ وغالبا ما يلخص الفكرة العامة ويعقب عليها بذكر الروايات التي قد تختلف في التفصيل والإيجاز.
2)- تجنب إبداء الرأي والموضوعية: وعقد فصلا في كتابه٬ ذكر فيه بعض الأخبار التي رويت بالنهي عن القول بالرأي٬ والتزم هذا الأسلوب في كتابه.
3)- دقة الإسناد: كان رحمه الله أمينا دقيقا في ذكر السند وفي تسجيل أسماء الرواة٬ لأنه اتصل بكثير من العلماء وسمع منهم٬ فإذا كان قد سمع هو وغيره قال :حدثنا٬وإذا قد سمع وحده قال: حدثني٬ وإذا نسي واحدا من سلسلة الرواية صرح بنسيان اسمه.
4)- الاستعانة بعلم اللغة: هذا وقد مكنه علمه باللغة وأساليب استعمالها أن يفضل معنى الكلمة على معنى آخر تحتمله.
5)- الإكثار من الأحاديث النبوية : وكان يكثر منها لأنه درس الحديث على كبار المحدثين في عصره٬ وفي مقدمتهم علماء طبرستان.
6)- الاستشهاد بالشعر: وكثيرا ما اعتمد على الشعر في بيان الوقائع وسردها٬تارة يذكر اسم الشاعر وأخرى يغفله مكتفيا بالشعر.
7)- مناقشة الآراء الفقهية: للطبري كتاب اختلاف الفقهاء فهو فقهي دارس للمذاهب كلها٬ بل مجتهد صاحب مذهب اختاره لنفسه ومن البداهة ان يعرض للآراء الفقهية ويناقشها في مناسباتها عند ذكر وقائع الفتن والحروب التي مزقت الأمة الإسلامية في عصره٬ وينتهي في مناقشة كل منها إلى ما يستصوبه وكان يعرض لآراء المتكلمين ويسميهم أهل الجدل ويناقشها ويصوب الرأي السلفي الذي يدين به. الإدلاء برأيه بعد المناقشة سمة ظاهرة في ذكره لتاريخ الطوائف والشيع التي عاصرها ٬ فكان يرفض ويعلل لرفضه وكان يرجح ويدلل على ترجيحه وكان يؤيد ويبرهن على تأييده .

وإذا كان يؤخذ عليه أنه يذكر سلاسل الروايات من غير بيان وتمييز لصحيح هذه الروايات من ضعيفها فلأنه على ما يظهر أنه من المؤلفين الذين يرون أن ذكر السند يخلي المؤلف من المؤاخذة والتبعة ولو لم ينص على درجة الرواية.
ومما يمكن ملاحظته لدارس كتب التاريخ لتلك الحقبة ٬ أن المؤرخين والطبري من جملتهم كتبوا كلهم حسب السنين لا حسب الموضوع ٬ فإذا حدثت جملة حوادث مختلفة في أماكن مختلفة كان الذي يجمع بينها سنة حدوثها٬ لا موضوعها وهو تصنيف بدائي ولا شك مرت به الأمم المختلفة من شرقية وغربية.

------------------------------------------------------------------------------------------

5- شهادات بعض معاصريه:

قال عنه مواطنه وكاتب سيرته عبد العزيز بن محمد الطبري " كان أبو جعفر قد نظر في المنطق والحساب والجبر والمقابلة وكثير من فنون الحساب وفي الطب ٬ وأخذ منه قسطا وافر يدل عليه كلامه في الوصايا٬ وكان كالقارئ الذي لا يعرف إلا القرآن٬ وكالمحدث الذي لا يعرف إلا الحديث٬ وكالفقيه الذي لا يعرف إلا الفقه٬ وكالحاسب الذي لا يعرف إلا الحساب وكان عالما بالعبادات جامعا للعلوم٬ إذا جمعت بين كتبه وكتب غيره وجدت لكتبه فضلا على غيرها"¹.
وقال الخطيب البغدادي: " كان أحد الأئمة العلماء يحكم بقوله٬ ويرجع إلى رأيه بمعرفته وفضله٬ وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره٬ وكان حافظا لكتاب الله٬ عارفا بالقراءات٬ بصيرا بالمعاني٬ فقيها في أحكام القرآن٬ عالما بالسنن وطرقها٬ وصححيها وسقيمها٬ وناسخها ومنسوخها٬ عارفا بأقوال الصحابة والتابعين٬ ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام٬ ومسائل الحلال والحرام٬ عارفا بأيام الناس وأخبارهم٬ وله الكتاب المشهور في تاريخ الأمم والملوك٬ وكتاب في التفسير لم يصنف أحد مثله "².
وقال أبو حامد الاسفراييني: "لو سافر رجل إلى الصين٬ حتى يحصل له كتاب تفسير ابن جرير٬ لم يكن ذلك كثيرا ".
وقال أبو علي الاهوازي:"كان الطبري عالما بالفقه والحديث والتفسير والنحو والعروض٬ له في جميع ذلك تصانيف فاق بها سائر المصنفين".³





3:2:1: أبو الفضل طيفور٬ تاريخ بغداد .
--------------------------------------------------------------------------------------
هذه الشهادات بين كثير مثلها تجمع على فضله وبروزه٬ والإعجاب به٬ وكتبه تغنيه عن شهادات الشهود وما بقي فيها يدل على أنه كان أفذاذ الموسوعين في العالم وحسبنا من مؤلفاته من مؤلفاته تاريخه وتفسيره. ولا يذكر الطبري إلا مقرونا بعلوم ثلاثة هي التفسير٬والتاريخ٬والفقه.
قال أبو محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني¹ صاحب ابن جرير"إن قوما من تلامذة ابن جرير حسبوا له منذ بلغ الحلم إلى أن مات ثم قسموا على المدة أوراق مصنفاته فصار لكل يوم أربع عشرة ورقة".²





1: الفرغاني – أمير ما وراء النهر – وكان مقره الإمارة السامانية في بخارى ٬ ولي الحكم سنة 350 وتوفي سنة 366 هـ.
2: أبو الفضل طيفور ٬ تاريخ بغداد.
---------------------------------------------------------------------------------------

قائمة المصادر والمراجع

I- المصادر العربية :

• الطبري: محمد بن جرير ( تـ 310 هـ ).
- "تاريخ الأمم والملوك" ٬ الجزء الأول ٬ دار الفكر .

II- المراجع العربية :

• أمين (أحمد) :
- ظهور الإسلام ٬ دار الكتاب العربي ٬ بيروت – لبنان٬ طـ 3.
• طيفور (أبو الفضل):
- تاريخ بغداد ٬ نسخة إلكترونية منتديات فريق آل
الزهري للكتب العربية .
• قويدر (بشار) :
- مناهج التاريخ الإسلامي ومدارسه ٬ دار الوعي٬ مطبعة
النخلة ٬ بوزريعة – الجزائر٬ الطبعة الأولى 1413- 1993



مع تحيات عماد قاسمي لكم